الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

قصيدة "سلوا السيوف" - الملا باسم الكربلائي - الشاعر علي جعفر


























عند استماعي لإصدارات الملا باسم الكربلائي للعام ١٤٣٥ كان من الواضح جدًا أن قصيدة الشاعر علي جعفر المسماة (سلوا اسيوف) من إصدار هذه الحكاية هي القصيدة الأكثر تميزاً وذلك من جانبين مهمين وهما كلمات القصيدة وأداء الملا , وهنا إن شاء الله في الكلمات القليلة القادمة سوف أقوم بعرض رأيي وتحليلي الشخصي في القصيدة.


بدايةً أول ما ابدأ به هو إجادة الشاعر في اختيار الألفاظ للقصيدة، حيث بدا للمستمع وكأنه يستمع لرواية المقتل وذلك من التشابه الكبير للألفاظ فحين نسمع لفظ "هذه بالسيوف وهذه بالحجر" فأننا نرى هذا التركيب موجود في القصيدة ورواية المقتل أيضاً وكذلك نلاحظ أن أغلب التراكيب الاخرى التي ربما ليست موجودة في رواية المقتل إلا أنها مشهورة جداً، فعند القول "الخد التريب" و "مكن السيف" و" الجسم الخضيب" والكثير غيرها فهذه التراكيب معروفة من قبل والكل يرددها. إن ما أجاد الشاعر فيه هو أن تكون القصيدة محتوية بأكملها على تراكيب معروفة وجميعها تشير الى الحزن وبهذا الاسلوب فهو أمر في غاية الإبداع.

أما بالنسبة لفكرة القصيدة فمن الجلي وضوح القوة البنائية والتركيب الصحيح ووحدة الفكرة في جميع اجزاء القصيدة ويظهر بوضوح طابع الحزن عليها من بدايتها.

إن من أهم من النقاط الايجابية المهمة في نجاح القصيدة هو تحديد المكان والزمان في بداية القصيدة حيث يقول " مفرداً واغريبًا حسين بالفلاة " وهنا جعل للمستمع التخيل الصحيح لمكان وزمان القصيدة حيث المكان هو أرض المعركة في كربلاء والزمان هو يوم العاشر بعد مقتل جميع أنصار الامام الحسين عليه السلام وبقاؤه وحيداً, وذلك من كلمة واحدة وهي "مفرداً". ومن خلال هذا التحديد فرض عنصر الحزن الشديد على القصيدة من أولها, حيث أن ذكر موقف الإمام عليه السلام في هذه الحالة لهو من أشد المصائب حيث تبرز حيرة الامام بعد استشهاد أنصاره . ومن ثم جاءت جملة "في ثلاثين ألفاً عليه دائرات" وإنما هذه الجملة إلا تأكيد على حالت الامام عليه السلام ووصف للجموع التي تحشدت ضد رجل واحد. وجاءت كلمة "دائرات" لتشير على أن حشودهم كانت في حالة هجوم على الإمام عليه السلام وليس فئة قليلة من كانت تحارب ويفيد هذا الوصف في تعميق حالة الأسى لدا المستمع.

في البيت التالي جاء وصفاً صعباً للسيدة زينب عليها السلام حيث قال "زينب من خباها جرت" وحين توصف السيدة زينب عليها السلام بوصف "جرت" عندها لن يضل أحد يسمع بهذا الوصف لعقيلة الهاشميين ولا يتأثر قلبه وتدمع عينه ويصرخ منادياً " وازينباه" وهذا ما فعله الشاعر حيث اتبع كلماته بهذه الصرخة. وبعدها يعود الشاعر لوصف حالة الامام الحزينة عند قوله "شاهدته سهام عليه ماطرات" ويعطي للمستمع المجال لتخيل حالة السيدة زينب عليها السلام لرؤيتها ذلك المنظر حيث لم يصف السيدة زينب بعدها ولكن جعل لها وجوداً في القصيدة من خلال هذا البيت واستمر واصفاً للإمام عليه السلام.

لعل أول بيتين كفيلين بتوضيح البداية الصحيحة للشاعر ولذا لن استمر بتحليل وصف الشاعر للإمام ولكن لابد لي أن أشيد ببعض الأفكار في الأبيات اللاحقة. ومن أهم الافكار التي أبدع فيها الشاعر هي وصفه للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وفعله مع الجسد الطاهر حيث كان وصفاً واضحاً جداً يشعر ببالغ الحزن وذلك لعدم احتمال النبي صلى الله عليه وآله النظر للجسد الطاهر الا أن يلقي بنفسه عليه . وهنا خطر في مخيلتي تساؤل لماذا لم يأتي الشاعر بذكر للسيدة فاطمة عليها السلام في حين أنه جاء بذكر النبي الكريم صلى الله عليه وآله في مقطع كامل والامام علي عليه السلام في مستهل القصيدة ولم يأتي بذكر السيدة فاطمة عليها السلام ولو ببيتٍ واحد. في الواقع إن هذا لا يعيب القصيدة أبداً ولا يأثر عليها سلباً في أيٍ من النواحي ولكن لو قام بذكر السيدة فاطمة عليها السلام مع الرسول الكريم صلى الله عليه وآله لكان ذلك أكثر وقعاً في القلب.

أما بالنسبة للمقطع الأخير الذي يُجمع الكثير على أنه لب القصيدة والمقطع الأصعب على السامع حيث يأتي الشاعر بتفاصيل المقتل وهنا عليّ أن أشيد بالشاعر مرة أخرى حيث جاء بألفاظ المقتل موزعة على أبيات المقطع حيث أننا نرى أن الجمل الأشد وقعاً كانت "أقبل الشمر ويلاه وارتج المدى" و " لهفا نفسي أضرب على ضرب كفى" و "مكن السيف حتى توارى بالقفى" جاءت موزعة في ثلاثة أبيات من أصل أربعة وعندما أقول أشد وقعاً هذا لا يعني أن التراكيب والجمل الأخرى في المقطع ضعيفة ولكنها لم تكن لفظاً صريحاً بالمقتل. وفي نهاية قصيدة كهذه لا يمكن أن تكون النهاية أفضل من نداء للإمام الحجة عجل الله فرجه بقوله " صاحب الثأر عجل أما حان الظهور".

كان هذا تحليلاً بسيطاً مختصرًا جداً في القصيدة من الجانب الشعري. وأما من جانب الرادود فكان الملا باسم الكربلائي في غاية إبداعه في هذه القصيدة فلقد بدا جلياً تأثر الرادود بالكلمات. وأعطى تأثره هذا احساسًا مميزًا للقصيدة. فعندما نلاحظ طور القصيدة فقد كان حزيناً مؤثرًا فيه قليل من السرعة التي ناسبت الكلمات. وكان من النقاط الإيجابية عدم بدأ القصيدة بالطور الأساسي فالكلمات التي رددها الملا في البداية كانت خير افتتاحية للقصيدة. وأعتقد أن أفضل المقاطع أداءً كان هو المقطع الأخير.


في الجانب الآخر كانت هناك الكثير من الانتقادات حول مشاركة الأطفال مع الملا باسم الكربلائي إلا أنني أرى أن إضافة صوت إلى صوت الملا إنما يساعد على إظهار صوت الملا أكثر فأكثر وكانت القصيدة بهذه الأصوات في غاية الروعة. ولكنني أعتقد أنه لو تم إضافة صوت الملا في بداية كل المقطع مع صوت الطفل بشرط بأن يكون تحت التأثيرات المضافة في قصيدة علامات الحزن من إصدار قل ما تشاء في بداية كل مقطع لكان ذلك أفضل فعندما نلاحظ المقاطع التي كان فيها دمج بين صوت الملا وصوت الطفل كانت مؤثرة جدًا من وجهة نظري المتواضعة.


وبناءً على ما تم ذكره فإن التقييم العام لهذه القصيدة هو 9.5



ملاحظة: إن كل ما تم ذكره في المقال أعلاه هو عبارة عن رأي شخصي .













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق