الاثنين، 25 نوفمبر 2013

قصيدة "براءة العشق" - الملا باسم الكربلائي - الشاعر مصطفى الصائغ




مما كان ملفتًا للنظر الانتشار الواسع الذي حققته قصيدة براءة العشق للشاعر مصطفى الصائغ و الرادود الملا باسم الكربلائي من إصدار هذه الحكاية وذلك للأداء الرائع للملا باسم والكلمات الجميلة من الشاعر وهنا إنشاء الله في الكلمات القليلة القادمة سوف أقوم بعرض رأيي المتواضع بشكلٍ مختصرٍ وسريع في القصيدة من جهة الكلمات والاداء.

عند النظر بشكلٍ عام في القصيدة فإنها تتكون من خمسة مقاطع جميعها تجسد الفكرة الرئيسية للقصيدة والتي تُروى على لسان الطفل الذي تنطقه براءته وهو لاهجًا باسم الحسين عليه السلام. فجاءت القصيدة لتجسد حال الطفل عند سماعه لذكر الامام وما لذلك من تأثير على كيانه, ومن ثم يصف الشاعر كيف يتوجه هذا الطفل الى الإمام واقفاً على أعتابه معاهدًا إياه بالوفاء بالخدمة والالتزام بالشعائر والبقاء على هذا الخط حتى الموت. ولم يكتفي بذلك إلى أن يقسم بالبارئ بأن يمضي شهيدًا كالرضيع فداءً للإمام الحسين عليه السلام ودفاعًا عن نهجه.

إن من الملاحظ في القصيدة التشابه الكبير بين المقطع الأول والمقطع الثاني في التراكيب والأفكار وتكاد أن تكون الفكرة الرئيسة في المقطع الأول هي نفسها في المقطع الثاني مع القليل من الاختلاف. والفكرة هي أن هذا الطفل الحسيني قد سمع بذكر الإمام ومن ثم قصده ساعيًا واقفًا على بابه, وكان الاختلاف في وصف حالة الطفل. وهنا سوف أقوم بعرض بعض التراكيب التي جاءت في المقطعين والتي تبين التشابه في التراكيب بينهما:   سمعت بحروفك  و سمعت الناعي”  اجيت ابابك و “واجيتك ساعي" ,  قبل ما اشوفك  و "البصر ما شافك  , بدت دمعاتي و دمعتي التجري  وهنا يتضح التشابه الكبير في الألفاظ حيث أن نفس الكلمة تتكرر في المقطعين 

وعند النظر إلى المقطع الثالث والذي بدأه بجملة " بفطرتي إلكيتك .. أمان وجيتك" فإن هذه الجملة إنما هي للتأكيد على أن الكلام القادم هو نابعٌ من فطرة هذا الطفل التي تنطق عن إيمان عميق بما سوف يقوله. وإن أول اعتقادٍ يؤكد عليه في هذا المقطع هو أن الحسين عليه السلام هو سفينة النجاة ونهجه هو النهج القويم الذي ينجو ويأمن من اتبعه وذلك من كلمة "أمان". أما الاعتقاد الثاني الذي يؤكد عليه هو أنه متلهفٌ بأن يقدم دماءه فداءً للإمام الحسين عليه السلام وذلك واضح في أكثر من موضع أهمها " بإيمانٍ سأمضي كالرضيع" و " دمائي سيدي تفدي دماك".   وعليّ أن أشيد بالشاعر في هذا المقطع وذلك للتأكيد الشديد على أفكار هذا المقطع في ثلاثة مواضع. وذلك بإثبات أولاً أنها نابعة عن الفطرة السليمة للإنسان " بفطرتي إلكيتك" وثم القسم ثانيًا على ذلك " قسم بالباري" وأخير يعود ويؤكد ثالثاً أنه مؤمنٌ بها إيمانًا شديدًا "بإيمانٍ سأمضي".

أما المقطع الرابع فقد جاء مبينًا لشرف خدمة زوار الإمام عليه السلام وأن هذا الطفل سوف يفديها بزهور سينينه وسيبقى خادماُ للإمام حتى مماته "سأبقى خادماً حتى مماتي". ومن جهةٍ أخرى كان يؤكد على شعيرة نوحه وبكاءه على الإمام عليه السلام وعلى أنه سوف يبقى مثابر على حضور مجالس عزائه "شعيرة نوحي" " بعزائك حاضر .. وعليها مثابر".

وفي نهاية القصيدة جاء المقطع الأخير بطابع الحزن حيث بدأه بجملة "سبب هالخدمة" وبدأ يذكر بعض الصور الحزينة للإمام الحسين عليه السلام وما جرى بيوم الطف. وفَرَضَ جو الحزن على هذا المقطع باستعانته ببعض التراكيب الحزينة التي لها وقعٌ في القلب مثل "نزيف أوداجك" "أنوح لنحرك" "خيام الخدر". وانهى المقطع بجملة " فذا قلبي بأشجانٍ نعاكَ" وكأنه يقول إن هذه الأبيات الأخيرة التي نعيتك بها كانت صادرة من قلبي وهيجت أشجاني وذلك ليؤكد على طابع الحزن في المقطع الأخير.
     
وهنا علينا أن نشيد بالشاعر على القصيدة الجميلة التي تؤكد على الخط الحسيني وتغرس في النشأ حب هذا النهج. ولكن عند النظر بشكلٍ عام في القصيدة فإننا لا نجد منهجيتًا واضحة للقصيدة وأقصد بذلك أنه بالإمكان ترتيب المقاطع بشكلٍ آخر دون الإضرار بالمعنى كأن يكون المقطع الثالث هو المقطع الاخير فذلك لن يؤثر على المعنى العام. إنني هنا لا أقصد أن ذلك سيكون أفضل أو أسوء ولكن ما أردت بيانه هو أن القصيدة تفتقد التسلسل القوي. أيضًا نجد أن هناك تكرار للعديد في الأفكار والتراكيب خلال القصيدة كما أوضحت في المقطع الأول والثاني أعلاه.

كان هذا تحليلاً شخصيّ بسيط لبعض ما جاء في القصيدة, فالقصيدة تحتوي على أفكار كثيرة وصور وتشابيه جميلة لم أتطرق لها ولكن اكتفيت ببعض الأفكار الرئيسة في القصيدة. أما من جهة أداء الملا باسم الكربلائي والطفل الذي شارك معه فكان غاية في الروعة حيث كان الأداء السبب الأقوى في تميز القصيدة بالإضافة إلى طور القصيدة الرائع. أما بالنسبة لخيار إضافة صوت الطفل إلى صوت الملا فكان خيار صائباً جداً وذلك لأن القصيدة كما أشرت سابقًا جاءت على لسان طفل فمن الطبيعي أن تكون القصيدة بهذا الشكل.

من الجانب الفني, كانت بداية القصيدة مميزة وذلك لعدم البدء القصيدة بالطور الرئيسي مباشرة. أما بالنسبة لأفضل مقطع في القصيدة من جهة الأداء فهنا يصعب على أي شخص أن يحدد ذلك ولكن من الواضح أن المقطع الأخير كان مميزاً عن المقاطع الباقية ولذلك لانفراد الملا باسم به بإضافة إلى أن الكلمات الحزينة في هذا المقطع كانت لها دور في تميزه عن بقية المقاطع.

وبناءً على ما تم ذكره فإن التقييم العام للقصيدة هو: 8.8

ملاحظة: إن كل ما تم ذكره في المقال أعلاه هو عبارة عن رأي شخصي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق