جاءت قصيدة الشاعر جابر الكاظمي المسماة كلمن يبشرني من إصدار هذه الحكاية للرادود الملا باسم الكربلائي بفكرةٍ فريدة من نوعها حيث كان جوهر هذه القصيدة هو احتوائها لمجموعة قصائد من التراث المشترك بين الشاعر جابر الكاظمي والملا باسم الكربلائي.
إن تجميع بعض القصائد ذو الطابع الخاص في قلب المستمع له الأثر الكبير في جعل كل من يستمع للقصيدة لأن يشيد بنجاح الشاعر في تقديم قصيدة في منتهى الروعة.
ولكن السؤال المهم هل كانت القصيدة ككل في منتهى الروعة ؟ أم أن الرائع هو طريقة التجميع وليس القصيدة ؟
عندما نتجاهل معرفتنا السابقة للقصائد المتضمنة في القصيدة ونتجاهل أيضاً طور القصيدة ودعونا ننظر للقصيدة ككلمات مكتوبة على ورق، حينها سنجد بعض الخلل في أفكار القصيدة.
من الواضح جداً أن القصيدة جاءت على لسان السيدة العليلة عليها السلام وهي في حالت خطاب لأهلها وبالخصوص أباها الإمام الحسين عليه السلام ولكن السؤال المهم أين الامام الحسين أثناء هذه القصيدة ؟ هل هو في المدينة أم كربلاء ؟ هل هو في الطريق إلى الكوفة أم أن الخطاب جاء بعد مقتل الإمام عليه السلام ؟
الجواب واضح جداً عندما يقول في المقطع الأول " يريح الهاب وياك وديني .. ازور احباب غياب عن عيني .. سفرهم طال .. وأنا بهالحال" أي انهم ليسوا في المدينة ، وهذا يؤكده ما جاء في المقطع الثاني بقوله " قبل ما اتروح واتهاجر يطير الصاف تانيني .. أخذني أياك لأحبابي على الجنحان خليني ..." وهذا المقطع يثبت أن القافلة ليس في المدينة أيضاً. ولكن في المقطع الثالث تتغير الصورة بشكل مفاجئ بقوله " يا مسافر وين اتريد لا ترحل عني ابعيد..." وهذا الخطاب يدل على أن القافلة لم تسافر بعد وأنها على وشك الرحيل.
في المقطع التالي يأتينا الشاعر بلسان حال العليلة عليها السلام وهي تقول " زماني للي ياخذ فال وداني " ومن ثم ومباشرة ينفي هذه الفكرة مطلقًا بقوله " ما عندي شك ولا ريب بس ربي يعلم بالغيب .. طلفة وعليلة بكل حال ما اصدق اللي يأخذ فال" فكيف للشاعر أن يربط هذا الايمان العميق بالعلم المطلق لله الذي لا يدنوا منه الشك ولا الريب وبالذهاب لمن يأخذ الفال.
بالإضافة الى ذلك فهذا المقطع يدل على قافلة الإمام عليه السلام غير موجودة في المدينة وهذا مخالف لما جاء في المقطع السابق ولكن ذلك من الممكن أن نفسره بتتابع الأحداث فهو حدث يلي الذي قبله ولكن كيف يمكن أن نسفر المقطع الأخير حين يقول " يقلبي يصابر عليمن تكابر .. بعد ليلة وحدة وحبيبك يسافر"
إن التسفير الوحيد الذي أستطيع تقديمه هو أن الشاعر جابر الكاظمي احتوى في قصيدته بعض التناقضات التي واجهته نتيجة التزامه بجمع نصوص غير قابل على تعديلها مما أثر سلباً على المعنى العام للقصيدة.
في الواقع لتظهر القصيدة بالفكرة التي أرادها الشاعر كان مجبر على عدم تغير هذه النصوص ولكن كان من ممكن ترتيبها بشكل أفضل بحيث تظهر الأحداث في تسلسل منطقي.
قد يكون مقالي هذا قد ركز على النقاط السلبية في القصيدة ولكن القصيدة قد احتوت على الكثير من التشابيه والصور التي كانت في غاية الروعة حيث أتى الشاعر بوصف الحال الحزين التي كانت بها السيدة العليلة عليها السلام وهذا الوصف يجبر المستمع على أن يشيد بإجادة الشاعر في هذا المجال.
وبناءً على ما تم ذكره فإن التقيم العام لهذه القصيدة هو 7.3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق